الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
الكنز الثمين
101751 مشاهدة
أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يخرج عن كونه بشرا

الأمر السابع : الاقتصاد والتوسط في حقه صلى الله عليه وسلم:
جرت سنة الله في خلقه بوقوع الإفراط أو التفريط، وأن كل أمة يقع منهم في الغالب غلو أو تقصير؛ لذلك حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- أمته المتبعين له من الغلو في حقه وإعطائه شيئا من خالص حق الله تعالى، ويتبين ذلك بما يأتي:
أولا : أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يخرج عن كونه بشرا:
قال الله تعالى: قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ فبين أنه اختص بالوحي إليه فقط.
وقال تعالى: قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا وذلك لما طلب منه المشركون أن يفجر الأرض، أو يسقط السماء عليهم كسفا.. إلخ، فبين لهم أن الذي يملك ذلك هو ربه وحده ، فأما هو فإنما تميز بالرسالة التي حمله الله إياها.
وقد حكى الله عن الأمم السابقة طعنهم في رسالة الرسل بأنهم بشر، كما في قوله تعالى عن قوم هود أو صالح: مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ .
وحكى عن المكذبين لمحمد -صلى الله عليه وسلم- أنهم قالوا: مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ أي يسعى للتكسب وطلب الرزق ، فأجاب عن ذلك بقوله: وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ أي ليسوا ملائكة؛ فإن البشر لا يتمكنون عادة من رؤية الملائكة، بل لو أرسل الله ملكا لما تمكنوا من مشاهدته حتى يتمثل في صورة إنسان فيقع الاشتباه ، قال تعالى: وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ .
ولما وقع منه -صلى الله عليه وسلم- السهو في الصلاة، ولم يذكروه ظنا منهم أن الصلاة قد قصرت فقال: إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني متفق عليه .
ومتى كان الرسل بشرا فلا يناسب إعطاؤم شيئا من حق الله من صفة أو عمل.